الشاشات الالكترونية ... بين المنع التام، والوقت المحدد يوميًا

12:35 م دعاء مجدي 0 Comments


"في الصورة حمزة يتدرب على البرمجة مع مدرسة روبوجاردن الكندية"

بالأمس كتبت منشورًا عن ضرورة إزالة معوقات التعليم قبل العمل على توفير بيئة محفزة على التعلم...
الكثير منكم فهم أن المعوقات المقصودة هي الشاشات الالكترونية، وسأل هل المنع التام هو الحل؟

دعوني أفصل لكم الأمر...

1- المعوقات لا تقتصر على الشاشات الالكترونية وحسب، أي شيء يلهي الطفل عن اتباع فطرته في الاستكشاف والتفاعل والانتباه للبيئة يمكنكم عده من المعوقات، والأسباب تختلف من أسرة لأخرى ومن بيئة لثانية.
ولكن بما أنكم أسقطتم الفكرة على الشاشات الالكترونية فهذا يوجهكم لأنها بالفعل تشكل إعاقة بالنسبة لأطفالكم، يجب الانتباه إليها.

-------
2- الشاشات الالكترونية قد نعدها من المعوقات، وقد نعدها ضمن أدوات البيئة المحفزة للتعلم! يتوقف الأمر على كيفية استخدامها.

-------
3- هل أنا مع المنع التام للالكترونيات؟
بالطبع لا، أحد أهم أهداف التعليم أو العملية التربوية ككل هي إعداد الطفل للانخراط في المجتمع بشكل سليم وصحي روحيًا وجسديًا ونفسيًا،
ولا شك أننا في طريقنا إلى عالم يعد فيه الأمي هو الجاهل بلغة التكنولوجيا، وليس الجاهل بالقراءة والكتابة وحسب!
والتكنولوجيا كباقي اللغات، يكون اكتسابها أيسر كثيرًا في السن الصغير، وحرمان الطفل من هذه الخبرات قد يؤثر عليه مستقبلًا بالسلب.
مهارات التعامل عبر الانترنت لا تقتصر أبدًا على تشغيل مقاطع اليوتيوب، أو تحميل وتشغيل التطبيقات المختلفة، بل هي أكبر بكثير، تؤكد الشواهد بأن الانترنت سيصبح البوابة الأولى للتعلم والعمل، كما أنه بالفعل من أهم وسائل التواصل والمعيشة حاليًا، والعديد من التطبيقات الالكترونية نستخدمها لرفع جودة أعمالنا وانتاجيتنا.
وبناء عليه، من غير المنطقي أن ننادي بالمنع التام للالكترونيات عن الأطفال.

-------
4- هل أنا مع تحديد وقت يوميًا للشاشات؟
أيضًا لا، إعطاء الطفل جرعة يومية من الشاشات لا تساعدنا على تقنينها وتقليل أضرارها، بل على العكس، نحن نساعده على إدمانها بشكل أكبر، وجعلها عادة متأصلة لديه ومحورًا هامًا تدور حوله أحداث يومه، فكل يوم هو يحسن التصرف حتى لا يحرم منه، وينهي مهامه بسرعة ليحصل عليه، يدرس وهو منشغل بموعد انتهاء الدرس ليبدأ متعته مع الشاشة، ترتبط سعادته به، وغضبه وإحباطه بالحرمان منه، لا يجب ألا تكون علاقة الطفل بالشاشات مثل ذلك!
نحن نستخدم الشاشات وقتما نحتاجها، لكن لا يجب أن نحتاجها في كل وقت!

-------
5- هل وقت الشاشة كله ضار على الطفل؟ لا، الأمر يخضع لعدة معايير:

- هل الطفل متفاعل إيجابي، أم متلقي سلبي أمام الشاشة؟
الطفل قد يتواصل مع شخص حقيقي مباشر يتفاعل معه ليكتسب منه اللغة، أو قد يتسمر أمام رسوم متحركة سريعة بلغة غير سليمة أو واضحة.
الطفل قد ينخرط في أعمال ذهنية تعزز مهارات التفكير والتعلم، وقد يندمج مع محتوى ركيك يثبط تلك المهارات لديه.
الطفل قد ينشغل بعمل يعزز ثقته بنفسه والفرح بإنجازه، وقد ينشغل بمحتوى ينافي مبادئه ويربك هويته.
الطفل قد ينشغل بلعبة رياضية يحرك فيها جسده بشكل مدروس وصحي، وقد ينشغل بلعبة تافهة تجهده ذهنيًا ونفسيًا عوضًا عن التأثيرات السلبية للألعاب العنيفة مثلا.

- سن الطفل وسمات مرحلته العمرية
الطفل تحت خمس سنوات يتعلم في الأصل عن طريق حواسه وعن طريق التفاعل مع البيئة الحقيقية، هذه هي الخبرات المطلوبة كي تبنى شبكته العصبية بشكل سليم. لا يمكن بأي حال استبدال هذه الخبرات بالشاشات الالكترونية مثلا، فإذا كان ولابد فلا يجب أن يكون للشاشات النصيب الأكبر من وقت الطفل.

الطفل فوق الخمس سنوات ينتقل لمرحلة التحليل والتفكير المجرد، والتي يعتمد نجاحه فيها على نجاحه في المرحلة السابقة، وعلى تفاعله مع البيئة الحالية من أشخاص وأدوات

الطفل فوق التسع سنوات يحتاج خبرات مجتمعية بشكل كبير، عليه أن يخرج وينخرط في المجتمع بأشكال متعددة، لا أن يواجه العالم من خلف الشاشات

فهم سمات المرحلة العمرية مهم، بحيث يتم التركيز على إشباع حاجات الطفل أولا وتطويع الشاشات لتعزيزها، بدلا من أن تكون اليد العليا هي للشاشات والتي قد تؤثر عليه بشكل ينافي فطرته.

- توقيت استخدام الشاشات، ومعايير الصحة والسلامة
الضوء الأزرق الصادر عن الشاشات يحدث اضطرابًا في دورة النوم إذا تعرض له الطفل مساء قبل النوم، لذلك ينصح مثلا باستخدامها نهارًا في الضوء الطبيعي للغرفة
هناك نظارات تحمي الطفل من التأثير السلبي لضوء الشاشة عند اضطراره للمكوث أمامها لوقت طويل
هناك معايير سلامة شخصية على الطفل أن يتعلمها أثناء التعامل مع الانترنت، ما يتعلق بأمور مشاركة البيانات الشخصية والتحدث مع الغرباء في غرف المحادثة وتحميل تطبيقات غير آمنة مجهولة المصدر وما إلى ذلك

-------
6- كيف نستخدم الشاشات لتكون ضمن أدوات البيئة المحفزة للتعلم؟
سأجيب عن هذا السؤال في المقال القادم إن شاء الله


تابعوا صفحتنا على فيسبوك للاطلاع على المقالات أولا بأول

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة